كم هم هؤلاء الذين يظنون أنهم لا يخطئون وإن كان الخطأ ظاهرًا
تراهم يرمون بالمسئولية على غيرهم حتى يقنعوا أنفسهم بأنهم بعيدون عن الخطأ،
وبالتالي تتراكم أخطاؤهم دون أن يدروا؛ ليصبحوا وجهًا لوجه أمام كارثة نفسية،
لا يعلم مداها إلا الله تعالى.
إن لحظة الاعتراف بالخطأ تحمي صاحبها، وتبصِّره بطريق العلاج
، وتوطِّد صلته بالناس، وتجعله في راحة نفسية لم تكن يتوقعها،
ليس العيب في الخطأ فكل ابن آدم خطاء، ولكن العيب في عدم رؤية الخطأ والاعتراف به
، ولنا قدوة في أول خطأ لأبينا آدم عليه السلام وأمنا حواء عليها السلام:
﴿قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ (23)﴾ (الأعراف).
فالاعتراف بالخطأ لا بد أن يصحبه الألم والندم، الذي يدفع الإنسان نحو الطاعة،
وليس الألم والندم الذي يدفع إلى المعصية أو المزيد منها، أو الإحباط واليأس، والانعزال النفسي
، فقد بدأت حياة جديدة على الأرض لزوجين، بدأت منهما أول أسرة على كوكبنا،
بفضل الاعتراف بالخطأ، وإظهار مرارة الألم، يقول تعالى:
﴿فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ﴾ (البقرة: من الآية 37).. وهكذا انطلقت أول حياة على أرضنا.